بقلم// جهاد أيوب
صعبه...وليست سهلة أن يحضر عيد المقاومة والتحرير في 25 آيار ولا خطاب ولا وبسمة ولا حسم ولا أصبح ودروس يرعب العدو ويسعد أهل الحق، ولا يدخل من تربع على الفكر القلب كما دخله لأول مرة...صعبه لمن عاش عزيزاً في روح الروح، وروحه قدمها كي يبقى الوطن ونبقى نحن الوطن، وواثقاً بأن الله الأقرب والمدبر، صعبه من زرع فينا اليقين بالصبر وبالنصر أن لا يكون بيننا؟!
صعبه، وهذا أول عيد لا يكون صانع وهداف وإمام الانتصار السيد حسن نصرالله بيننا، والتحرير أصبح بعمله ووجوده معنا حالة إنسانية تصنع الشمس والواقع بعد أن كان من الأحلام المزعجة!
معه يطيب لنا العيش، وقدم لنا الغائب الحاضر تجارب لا يعرفها عرب الخنوع، أو إسلام المتأسلم وليس إسلاماً ينتمي إلى النبي محمد وآل بيته ومن كان من الصحابة وضل على العهد!
معه شهدنا أول الإنتصارات الفعلية على العدو شريك الشيطان، نعم عام 2000 حدث الفوز العظيم والمنتظر كما تنتظر العائلة لمولودها البكر!
ذاك اليوم هو مفتاح لإنتصارات وصعاب تولد الفرج من خلال ما زرعه من ثقة بنفس مجبولة بدماء الشهداء وتعب وعرق أهل الجهاد!
عام 2000 لم يسقط علينا سهواً رغم ما علّمونا بأن نخاف مغتصب أرضنا ومزوّر تاريخنا فكانت نتيجـة المقـاومـة عكس علومهم!
لقد درّسونا أنّ الدفاع ليس حقـاً بل الثرثرة هي الهدف والمطلب فاختصرت المقاومة القول بالفعل حتى خلعتهم من المنطق لتصبح الكلمة تحرير والروح هي الأرض، وكلاهما في فعل المقاومة حالة إنسانيـة تختصر الوطن والإنسان وتصنع الشمس…
عام 2000 حررت فيه الأرض بصبر العمل وببصيرة المجاهدين الصادقين الصابرين، ومع هكذا مقاومة لم نشعر بالرتابة، بل كنا وما زلنا ننتظر الحسم وارتفاع الراية!
مع الأمين العام الشهيد نصرالله تتزهر ورود الروح مع كل صباح، وترفرف النفس شامخة مع مغيب الشمس، فالسيد هو حي فينا، وكنا نترك همومنا عنده، ونكمل حياتنا لآن القائد حسن نصرالله يتابع الرعية ويضعنا في عين الله...لقد اتكلنا على الله وعلى وجود الراعي الحكيم نصرالله، لذلك لا تلموننا إن قلنا :"صعبه" ...ولكن الحياة ستستمر، ومن اهدانا حسن نصرالله سيهدينا غيره بعون الله!
إن المقاومة في لبنان ليست مرحلة، بل تراكمات أمة، ومع السيد الشهيد نصرالله تأكد أننا "خير أمة أخرجت للناس"، ولو عدنا إلى ذاك اليوم المجيد، واستعدنا خطاب السيد الحر القامة والشهادة بالشهيد نصرالله في "بنت جبيل" حيث كرامات جبل عامل، وبسرعة نتذكر " إنها أوهن من بيت العنكبوت"...جملة قرآنية وقعت كالصاعقة على الكيان المؤقت، وهزت عرش الشيطان والصهيونية شريكته بذبح البشر وفساد الأرض!
الذاكرة في ذاك اليوم قلبت الموازين رأساً على عقب، واستول الأحرار على الصورة، وارتوت الأرض في عز الصيف من دماء الشرفاء!
في ذاك اليوم رئيس الجمهورية إميل لحود بمستوى الرئاسة، والشريف سليم الحص جعل من رئاسة الوزراء قيمة والقرار...والبيئة تواضعت حتى كمشت الشمس بيسارها والسلاح بيمينها...بيئة لا تشبه غيرها، ومع كل مفترق تجدها سيدة الموقف، ولم تخن أو تعن أو تغدر رغم كل الظروف!
عام 2000 حيث التحرير والنصر في آيار سقط رهان حكام ودول تدعي الوجود من خلال اعتمادها على الصهاينة، وترجمت منذ منذ 2000 و2006 و2012 بفوز الرهان على المقاومة...تجربة أثبتت جدواها في كل المواسم والأعوام إلى حين الاستشهاد...حتى استشهاد السيد حسن نصرالله ومن معه هي تراكمات ما جاء سابقاً وما سيأتي...!
ليست كل الحروب مع العدو نصراً لكنها الفوز، وحتى لو وقعت "صدمة" أو حدث الانكسار، واستغلها العدو كهزيمة هي في الواقع الفوز الذي يريدنا الرحمن أن نبني عليه...الفوز والرحمة هذا ما امدانا الله في الحرب الكونية الأخيرة!
السيد لم يمت، ولا يزال حياً، ولن نفتش عليه في عالم الأموات، فروحه بيننا، وخطابه يشفينا، وحضوره ثاقباً منبثقاً مع اشراقة كل يوم، وهذا ما اراده الله كي نبني عليه ما ستفعله المقاومة رغم الجراح والوجع!
مع عيد المقاومة والتحرير نقدم التحية والانحناء إلى الشهداء وإلى البيئة الصابرة وزنود ثابته في رجال الله، وإلى الإعلام الحربي الذي يؤكد مع كل تجربة صورة أن الإعلام الحربي في المقاومة لا رتابة فيه، ويزرع الذاكرة من أجل ذاكرة حية حرة!
وشكراً لكل عوائل الشهداء والصابرين والمناضلين...
وفي 25 آيار عيد المقاومة والتحرير من دون السيد صعبه، ولكننا تعلمنا من الدرس، يجب أن نتعلم من الدرس حتى لا نسقط، وبالتأكيد "منبصم بالدم" من أجل الحفاظ على المقاومة والسلاح...!